ما معنى الله ؟

نسجد لك أيها الجهل المقدس !
الكلام عن الإله او الله يفترض انه كائن (اسم فاعل لــ يكون, و المقصود انه قائم أو حاضر أو موجود) حي (لكن ليس بالطريقة التي نعرفها و نألفها عن الحياة) عاقل (لكن ليس بالطريقة التي نعرفها و نألفها عن العقل) إله (له قدرات خارقة لكن لا علاقة لها بالقدرات البشرية المعروفة). طيب إذا كنت لا تقصد و لا تعني أي وصف أو اشارة لطبيعة الإله و كل شيء تقوله تلحقه بمقولة “لكن ليس بالطريقة التي تظنها او تعرفها” فعلى أي أساس تتكلم. استخدم ألفاظ موجودة في اللغة أو أضف للغة لفظ جديد ليعني معنى جديد, بنفس الأسلوب الذي تضاف به إلي اللغة الفاظ جديدة تشير إلي كل اختراع جديد و كل اكتشاف جديد و كل معنى جديد.
فكما تمت اضافة ألفاظ مثل : “التلفاز” للإشارة إلي جهاز مستحدث لم يعلم عنه الأسبقون, او “الإندماج النووي” للإشارة إلي حادثة علمية لم يعلم بها الأسبقون, او “العولمة” للإشارة إلي مفهوم سياسي ثقافي اقتصادي لم يعلم به الأسبقون, تستطيع انت أيضا عزيزي المؤمن أن تخترع ألفاظ جديدة لتعبر عن معاني جديدة. و بدلا من أن تقول أن “الله حي” و تشعر بالأسف لان اللغة لا تعبر عن مقاصدك, قل أن “الله حبظلم” او “الله متعين” او “الله متجعضد” ثم عرف اللفظ الذي تستخدمه لكي نستزيد منك علما. لكن وقاحة منك ان تتحجج بقصور اللغة ثم تدافع عن شيء لا تستطيع الإشارة اليه بأي وسيلة. و لكي نقطع نهائيا مشكلة الهلامية و الميوعة و المطاطية التي تتمتع بها فكرة الإله أو الله, نستطيع تحديد المعاني المقصودة لكل لفظ على حده.

النقطة (1) : ما المعنى المقصود من لفظة “موجود” ؟

حين تصف شيء ما بأنه موجود في اللغة فأنت حتما تقصد أحد المعنيين : الوجود الطبيعي أو الوجود المعنوي.
أ) الوجود الطبيعي
و المقصود به المادة و الطاقة. و المادة هي كل ما له كتلة وحجم ويشغل حيزاً من الفراغ, و للمادة خصائص مختلفة تشمل الحجم و الكتلة و الكثافة, و هي تشكل بذلك ما يعرف بالكون الملموس. المادة بهذة الطريقة تعبر عن كل الأجسام التي لها كتلة و حجم و تشغل حيز من فراغ إبتداء من العالم متناهي الصغر و نجده في الذرات و الإليكترونات و البروتونات و النيوترونات و حتى الجسيمات الاولية و هي الكواركات و اللبتونات و البوزونات و ما دون ذلك, ثم العالم الصغير  و يتمثل في الجزيئات التي تتضمن التجمعات من الذرات مثل الــ H2O (جزئ الماء) أو O2 (جزئ الأوكسجين) .. كما يتضمن الخلايا و الميكروبات و الكائنات الأقرب اليهم في الحجم, مرورا بالعالم الوسيط و نصف به الريشة و الذبابة و حبة الرمل و الشجرة و الفيل و المبنى و الحجر و الجبل, ثم العالم الكبير و يتمثل في الكواكب و المذنبات و النيازك و النجوم, و ينتهي في العالم متناهي الكبر و نجده في المجموعات النجمية و المجرات و الثقوب السوداء و الاكوان و ما هو أكبر من ذلك. كل هذة مواد على كافة المستويات بحسب وصفها العلمي من أدق ادق الجسيمات إلي أكبر اكبر الأجرام, و من المادة الجامدة مرورا بالمادة الحية و ليس انتهاءا بالمادة الواعية.
فهل بأي مستوى من هذة المستويات يمكن وصف الإله بأنه مادة و له وجود طبيعي ؟
نعرف ما هو الحجر و ما هي الشجرة و ما هو الإنسان .. فماذا يكون هذا الله ؟!!
نعرف ما هو الحجر و ما هي الشجرة و ما هو الإنسان .. فماذا يكون هذا الله ؟!!
ثم إن هناك وجود طبيعي آخر و هو الطاقة, و بحسب الفهم البشري الحالي فلا يوجد حد فاصل بين المادة و الطاقة طبقا لمعادلة آينشتاين الشهيرة E=mc2. و الطاقة عموما هي القدرة على القيام بشغل أي إحداث تغيير، وهناك صور عديدة للطاقة، منها الطاقة الحرارية والضوء (و هو طاقة كهرومغناطيسية)، و الطاقة الكهربائية ، و طاقة الرياح (وهي طاقة حركة) ، و طاقة الأشعة السينية وطاقة أشعة جاما ، وغيرها. و ضمن سياق العلوم الطبيعية، الطاقة يمكن أن تاخذ أشكالا متنوعة : طاقة حرارية، كيميائية، كهربائية، إشعاعية، نووية، طاقة كهرومغناطيسية، وطاقة حركة. هذه الأنواع من الطاقة يمكن تصنيفها بكونها طاقة حركية أو طاقة كامنة ، في حين أن بعضها يمكن أن يكون مزيجا من الطاقتين الكامنة والحركية ، وهذا ندرسه في الديناميكا الحرارية.
فهل بأي شكل من هذة الأشكال يمكن وصف الإله بانه طاقة و له وجود طبيعي ؟
ب) الوجود المعنوي
و المقصود به هو الحالات و الأفكار و القيم. و الوجود المعنوي يختلف عن الوجود الطبيعي لانه لا يعبر عن مادة او طاقة, فالمرء حين يرى جماعة من الناس تقف في طابور بترتيب و التزام يقول ان هناك نظام او أن النظام موجود, مع ان النظام هنا ليس جسما أو طاقة بل حالة يصف بها الناس. و المرء حين يتكلم عن وجود الوعي عند الناس أو إحلال السلام او انتشار الحب فالمقصود أيضا هو قيمة ليس لها وجود طبيعي بل وجود ضمني او معنوي.
فهل بأي صورة من هذة الصور يمكن وصف الإله بانه فكرة و له وجود معنوي ؟
لا توجد معاني أخرى معروفة عند البشر للفظة “موجود” , فإن لم يكن الإله موجودا بأيا من هذة الطرق فلا يصح أن يقال بأن “الإله موجود” بل يجب اختراع لفظ جديد و توصيف هذا اللفظ الجديد كما يريد المؤمن ثم يتم الصاقه بالإله. لكن أن يتم القول بأن الإله موجود بإستخدام نفس الألفاظ و المقاصد التي نقولها حين نقرر ان الشجرة موجودة او أن الحجر موجود, ففي هذا مغالطة يشوبها سوء النية بهدف الكذب و التدليس.

النقطة (2) : ما المعنى المقصود من لفظة “حي” ؟

لفظ “حي” هو لفظ معروف و متداول, فهو ليس لفظا اكاديميا أو معقدا. و الناس حين تصف شيء بانه حي تعرف جيدا معنى ذلك, فحين يرى أحدهم جذع شجرة في بركة مياة ثم يراها تتحرك ليعرف أنها شيء حي, تمساح مثلا, سيكون قادرا بالتاكيد على أن يفسر لأي متساءل لماذا يعتقد ان هذا الشيء حي و كيف يكون الشيء حيا. فالكائنات الحية تتميز عن غيرها من الكائنات بخصائص تميزها و تجعلها مختلفة شكلياً و جوهريا, و هي الثمان خصائص المميزة للحياة :
1-     الحركة
معظم الحيوانات قادرة على الحركة الانتقالية في كل مراحل حياتها، و قليل منها قادر على الانتقال من مكان لآخر في المراحل الأولى من حياته فقط، كالإسفنج و المرجان و بعض الطفيليات. و توجد في بعض الكائنات التي تبدو ثابتة كالنباتات – حركة موضعية؛ أي حركة لأجزاء من النبات، كحركة أوراق النباتات آكلة الحشرات، وحركة فتح الثغور وإغلاقها في الأوراق، والانتحاء الضوئي phototropism، والتأود الأرضي – geotropism. كذلك، إذا نظرت إلى خلايا حية تحت المجهر ستشاهد السيتوبلازم في حركة دورانية مستمرة تعرف بالحركة السيتوبلازمية (الدورانية) cyclosis.
2-     النمو
و هو الزيادة في كتلة الكائن الحي وحجمه نتيجة زيادة كمية المادة الحية فيه. ويحدث النمو نتيجة الانقسام المتساوي (غير المباشر) للخلايا وزيادة حجمها.
3-     الحاجة إلى طاقة
تحتاج جميع الكائنات الحية إلى الغذاء للنمو و البقاء على قيد الحياة. و تقوم بعض أنواع البكتيريا و الطحالب و النباتات بصنع المواد العضوية التي تحتاج إليها من مواد غير عضوية بسيطة بوساطة عملية البناء الضوئي، و توصف هذه الكائنات بأنها ذاتية التغذية autotrophic، بينما تحصل باقي الكائنات الحية على غذائها جاهزاً – بطريقة مباشرة أو غير مباشرة – من النباتات أو من الحيوانات ؛ و تسمى هذه الكائنات غير ذاتية التغذية heterotrophic وتقوم الكائنات غير ذاتية التغذية بهضم غذائها قبل أن تستفيد الخلايا منه.
4-     التكاثر
الكائنات الحية جميعها تستطيع التكاثر. والتكاثر نوعان: تكاثر لا جنسي asexual؛ ويقصد به إنتاج أفراد جديدة من فرد واحد دون الحاجة إلى وجود ذكر وأنثى، وتكاثر جنسي sexual؛ ويقصد به إنتاج أفراد جديدة نتيجة اندماج جاميت ذكري مع جاميت أنثوي.
5-     الأيض
تحدث في أجسام الكائنات الحية جميعها تفاعلات كيميائية ضرورية للتغذية و النمو وإصلاح الأنسجة التالفة و تحويل الطاقة إلى شكل يمكن الاستفادة منه، وتسمى هذه التفاعلات بعمليات الأيض metabolism. و عمليات الأيض مستمرة في أجسام الكائنات الحية كافة؛ و يؤدي توقف هذه العمليات إلى موت الكائن الحي. و يتضمن الأيض عمليات بناء وهدم؛ و عمليات الهدم catabolism هي: التفاعلات التي يتم بها تحطيم الجزئيات المعقدة إلى جزئيات بسيطة التركيب؛ فينتج منها طاقة. وعمليات البناء anabolism هي: التفاعلات التي يتم بها تكوين جزئيات معقدة من جزئيات بسيطة التركيب و تكون عمليات البناء أسرع من عمليات الهدم في الكائنات الحية في أثناء نموها, أما في معظم الكائنات البالغة فإن عمليات البناء والهدم تكون متوازنة.
6-     الإخراج
ينتج من التفاعلات الكيميائية التي تحدث في أجسام الكائنات الحية فضلات سامة، وتقوم أجسام الكائنات الحية بالتخلص من هذه الفضلات بوساطة جهاز الإخراج، أو بتخزينها في أماكن خاصة من جسم الكائن الحي بشكل غير ضار. لا تمتلك النباتات جهازاً لإخراج، لكن النبات يتخلص من فضلاته بوسائل عديدة أخرى.
7-     الاستجابة للمؤثرات
المؤثرات التي تحدث استجابة في معظم الكائنات تشتمل على متغيرات عدة؛ منها التغير في لون الضوء و اتجاهه و كثافته، و التغير في درجات الحرارة و الضغط و الصوت و التغير في التركيب الكيميائي للوسط؛ كالتربة المحيطة أو الهواء أو الماء. و في الكائنات المعقدة التركيب – القرود مثلا – توجد خلايا على درجة عالية من التخصص لها القدرة على الاستجابة لأنواع معينة من المؤثرات؛ كخلايا شبكية العين التي تستجيب للضوء؛ أما الكائنات بسيطة التركيب، فلا يوجد فيها مثل هذه الخلايا المتخصصة، لكن جسم الكائن الحي – بشكل عام – يمكنه الاستجابة للمؤثرات؛ فبعض الكائنات وحيدة الخلايا تستجيب للضوء الشديد بالابتعاد عنه.
8-     التكيف
يتعرض جسم الكائن الحي إلى تغيرات بيئية مختلفة، كالتغيرات في درجة الحرارة. ولا تتحمل معظم الكائنات الحية الانخفاض أو الارتفاع في درجة الحرارة، يجب أن تبقى مستقرة. ذاك ان العمليات الحيوية تتضمن الكثير من التفاعلات الكيميائية المختلقة. التي لا يمكن ان تحدث إلا إذا كانت الظروف ملائمة تمامًا. ويسمى الاستقرار الديناميكي للبيئة الداخلية للكائن الحي بالاستتباب.
فهل بأي خصيصة من هذة الخصائص يمكن وصف الإله بانه حي ؟ يعني هل الإله يتحرك أو ينمو او يحتاج إلي غذاء و طاقة أو يخرج فضلات أو يتكاثر ؟ لا توجد معاني أخرى معروفة عند البشر للفظة “حي” , فإن لم يكن الإله متصفا بأي من خصائص الحياة فلا يصح أن يقال بأن “الإله حي” بل يجب اختراع لفظ جديد و توصيف هذا اللفظ الجديد كما يريد المؤمن ثم يتم الصاقه بالإله. لكن ان يتم القول بأن الإله حي بإستخدام نفس الألفاظ و المقاصد التي نقولها حين نقرر ان الفأر حي او أن الفيل حي, ففي هذا مغالطة يشوبها سوء النية بهدف الكذب و التدليس.

النقطة (3) : ما المعنى المقصود من لفظة “عاقل” ؟

الذكاء هو عمليات ذهنية و قدرة كامنة على حل المشكلات الطبيعية و المعنوية, او للتعبير عن التأثر و الاستجابة لظروف طبيعية و معنوية. و على هذا الأساس يجدر الإشارة إلي ملحوظتان :
أ)        الذكاء مفهوم طبيعي
أي ذكاء يحتاج إلي موتور طبيعي (مادة او طاقة) لتوليد الذكاء, أيا كان هذا الموتور و أيا كانت طبيعته. فالكائنات الحية ذكية و يتفاوت ذكاءها حسب طبيعة و إمكانيات الموتور الذي تمتلكه لتوليد الذكاء, و هو ما نصطلح على وصفه بالمخ أو الدماغ. و هناك ايضا كائنات أخرى غير حية تمتلك ما يمكن ان نسميه ذكاء و تحمل قدرات كامنة على التطور المتسارع بأسرع من تطور الذكاء الإنساني أضعافا مضاعفة, ألا و هو الكمبيوتر. يعني سواء كان الدولفين أو الشمبانزي أو البشري أو الكمبيوتر أو أي ذكاء عرفته الإنسانية و إختبرته, لا يمكن ان يقوم ذكاء بغير أساس مادي أو طبيعي .. بنفس الطريقة التي يستحيل بها قيادة سيارة لا تحوي موتور.
فهل يملك الإله موتورا يولد الذكاء له هو الآخر ؟ أم أن لقب ذكي حصل عليه كلقب شرفي مثل الدكتوراه الشرفية ؟!
كيف يكون الإله عاقلا بدون دماغ ؟!
كيف يكون الإله عاقلا بدون دماغ ؟!
ب)    الذكاء يعتمد على المشكلة و رد الفعل
أي ذكاء يحتاج إلي مشكلة او تحدي او معاناة لإستفزاز قدراته الكامنة على حل المشكلات و الإبداع. و بالتالي فالظروف المواتية أو المريحة تضر الذكاء و تعفيه من العمل, و من ثم فإعدام المشكلات و التحديات بشكل كامل سيؤدي حتما لإعدام أي نوع من انواع الذكاء. مهم جدا أن يفهم المرء أسباب نشوء الذكاء في الكائنات الحية و كيف أعفى تطور الذكاء (عند البشر على سبيل المثال) الذكي من تطور بقية القدرات الطبيعية الأخرى التي كان من الممكن ان يعتمد عليها و يطورها لو نقص ذكاؤه, مثل الصلابة و السرعة و قوة الإحتمال. بنفس الطريقة التي أعفت القوة و الشراسة بها الاسد من تطوير ملكات ذكاء أفضل, او كما أعفت سرعة الفهد او طيران النسر. و بنفس المنطق يسهل ملاحظة ان الرجال ذوي الأجسام الكبيرة و العضلات المفتولة لا يحتاجون غالبا لإستخدام ذكاءهم, بنفس الطريقة التي تعفي النساء الجميلات ذوات الجاذبية الجنسية من إعمال عقولهن (طبعا الظواهر البيولوجية ليست قوانين فيزيائية و يسهل وجود ما و من لا تسري عليه).
و ليس بالضرورة أن يكون المحفذ للذكاء مشكلة أو معاناة بشكل مباشر واضح, بل قد نجد ظروفا عادية او تبدو عادية بالنسبة لإنسان ما مثلا, فلا تضره أو تعيقه بشكل مباشر .. و لكنها تنجح في التأثير عليه و دفعه للإبداع أو اعمال ذكاؤه كما يحدث مع الفنانين أو المخترعين مثلا. و هذا يفسر بوجه عام السبب في ان المناطق الفقيرة في التنوعات الطبيعية مثل البيئات الصحراوية (لا يوجد تحديات معرفية كثيرة) او القليلة في تحدياتها و مشاكلها (لا زلازل و لا فياضانات و لا براكين و لا جفاف .. ألخ) هي أيضا بيئات طاردة للذكاء و لا تستوعب الذكاء بها. يعني ربما تحتاج الدول النامية للضرب بالقنابل الذرية و المعاناة من الزلازل بشكل دائم حتى تتحول هذة الدول إلي ما يشبه اليابان بكل تقدمها التقني و الإقتصادي.
فهل الإله لديه مشاكل أو معاناة او تحديات طورت لديه ملكات و مواهب الذكاء ؟ ام أنه يحتفظ بذكاؤه في درج مكتبه ؟ هل الإله أيضا لديه دماغ أو هاردوير أو أساس مادي او طبيعي لذكاؤه ؟ و إن لم يكن, كيف يتولد ذكاؤه ؟ و كيف يمكن وصفه بالذكاء او العقلانية ؟ و إن كان كامل متكامل لا يحتاج لفهم او معرفة, فما الذي يحفز ذكاؤه أصلا ؟ فإن لم يكن الإله ذكيا بالصورة التي نفهمها عن الذكاء فلا يصح أن يقال بأن “الإله ذكي” او ان “الإله عاقل” بل يجب اختراع لفظ جديد و توصيف هذا اللفظ الجديد كما يريد المؤمن ثم يتم الصاقه بالإله. لكن ان يتم القول بأن الإله ذكي بإستخدام نفس الألفاظ و المقاصد التي نقولها حين نقرر ان الشمبانزي ذكي او البشري ذكي أو الكمبيوتر ذكي, ففي هذا مغالطة يشوبها سوء النية بهدف الكذب و التدليس.

النقطة (4) : ما المعنى المقصود من لفظة “إله” ؟

الله ليس هو الشكل الوحيد للألوهية, فــ الله ليس هو إله اليهودية و المسيحية كما يدعي الإسلام, بل هو إله الإسلام فقط. إله اليهودية اسمه “إيل” و لهذا يسمى أنصار الإله اليهودي بـ ميخائيل و روفائيل و اسرائيل .. الخ, و هناك في التوراة إسم آخر للإله غير إيل و هو “يهوة” و هذا مذكور في أكثر من موضع :
و انا ظهرت لابراهيم و اسحق و يعقوب باني الاله القادر على كل شيء و اما باسمي يهوه فلم اعرف عندهم (خر  6 :  3) لذلك هانذا اعرفهم هذه المرة اعرفهم يدي و جبروتي فيعرفون ان اسمي يهوه (ار  16 :  21)
صحيح أن اليهودية لها إله واحد و الإسلام له إله واحد إلا أن يهوة التوراتي هو إله قومي للعبرانيين .. منغلق عليهم و حصري لهم. بينما الله القرآني هو إله قومي للعرب و لكنه منفتح قليلا عن يهوة فيقبل دخول الأعاجم في الإسلام و في العروبة أيضا. المسيحية طبعا تعترف بإله اليهودية “يهوة التوراتي” و لكنها تعتمد إضافات تفصيلية للإله من حيث إنه إله واحد و في نفس الوقت ثلاثة أقانيم .. كنوع من التسويق التجاري للإله (عرض خاص .. إشتري الآب تحصل على الإبن و الروح القدس مجانا) أو كنوع من الدعاية للإله (إله المسيحية : تلاتة في واحد, إله بقوة ثلاثة أقانيم .. يجعل خطاياك أكثر بياضا) و هو ما يفسر القدرة الرائعة للمسيحية على المنافسة في الأسواق العالمية و تقبل نظام السوق الحر بينما يحتاج الإسلام إلي حماية الدولة و إلي سياسات جمركية و ضريبية تمييزية تؤدي في النهاية إلي رداءة المنتج الإسلامي.
God 3in1
نهايته, إله المسيحية إذن هو يهوة بعد تعديل إدارة التسويق و إضافة اللوجو الخاص بالإله و من الممكن أن نسميه إله الإنجيل أو “يهوة مثلث الأقانيم”. و لذلك تجد كل المسيحيين في العالم من غير العرب لا يستخدمون اسم “الله” لوصف إلههم بل إن إنطباعهم عن “الله” هو نفس الإنطباع تقريبا عن “زيوس” أو “كريشنا”, مجرد إله وهمي لدين آخر. أما إله الإسلام فهو طبعا “الله الفرد الصمد” او “الله القرآني” لمبدعه و صاحبه محمد خاتم الأنبياء و المرسلين و المعروف بإسمه الحركي “محمد صلعم”, و هو إله يختلف بالتأكيد في غالبية مواصفاته عن آلهة اليهودية و المسيحية و إن كان مستوحى طبعا من الآلهة التي سبقته.
ثم إن هناك العديد من الاديان على الارض حاليا. طبقا للموسوعة المسيحية العالمية باريت طبعة 2001 يوجد في العالم حاليا أكثر من عشرة الاف دين متميز, منها 150 ديانة فقط عدد المؤمنين بها مليون فرد فأكثر. أما بقية الأديان فعدد تابعيها اقل من المليون, و أغلب هذة الديانات أنحصرت فى أقليم جغرافى معين و فى مجموعة عرقية محددة. و عن طريق الإنترنت يمكن تمييز 22 ديانة عالمية فقط و هي تتضمن الديانات التى لها وجود و حضور و أغلبية فى الدولة الواحدة.
- هناك أديان بلا آلهة على الإطلاق Atheism : مثل البوذية.
- و هناك أديان توحيدية Monotheism : مثل اليهودية و المسيحية و الإسلام و البهائية و الزرادشتية و الصابئة و المندائية و الأحمدية و البابية و السيخية و غيرها كثير.
- و هناك أديان ثنائية الآلهة  Ditheism: و هي تتبنى إيمان بإلهين متصارعين متساوين في القوة أحدهما إله الخير و الآخر إله الشر, أو الإيمان بإله وإلهة (ذكر وأنثى) ذوي قدرات متباينة و يتشاركان في خلق الكون و يتشاركان في التأثير عليه, و تندرج طوائف غنوصية ضمن هذا الإطار و دين حديث معروف بـ”ويكا”.
- و هناك أديان متعدّدة الآلهة Polytheism : و هي تقوم على وجود العديد من الآلهة و يكون هنالك مجمع Pantheon  يضمهم جميعا ذكور و إناث, و يعتبرون جميعاً مؤثرين بدرجات متفاوتة على الطبيعة والإنسان. في الماضي كانت كل الأديان في العالم أديان متعدّدة الآلهة و اليوم تشمل الأديان المتعددة الآلهة نحو نصف سكان الكوكب و منها الهندوسية، البوذية التبتية، الشنتو، الجانية.
- وحدة الوجود Pantheism : و تعني بالأصل اليوناني “الكلّ هو الإله”  و هي الإيمان بأن الكون والإله متطابقان بالكامل أي أن الإله هو الكون و الكون هو الإله. لكن هذه الفلسفة لا تؤمن بأن الإله–الكل هو إله شخصي له صفات إنسانية و لا تؤمن أيضاً بوجود إله خالق. و هنالك العديد من الفلسفات المختلفة ضمن إطار وحدة الوجود لكنها جميعاً تعتبر أن الكون هو وحدة كاملة وأن الطبيعة مقدّسة, و تندرج معظم الاديان القديمة والأصلية ضمن هذا الإطار بالإضافة إلى الطاوية و بعض الطوائف الهندوسية والبوذية و الصوفية.
إذن فلفظة “الله” لا تعبر إلا عن إله الإسلام المذكور في القرآن بوصفه فرد صمد, أيا كان معنى فردانيته و صمدانيته. و ما استخدام غير المسلمين في الدول العربية لإسم “الله” لتسمية إلههم إلا بسبب الهيمنة الثقافية للإسلام على المنطقة و تراجع العلمانية, لكن كل الأديان الموجودة في العالم لم تتفق على مفهوم واحد (ولا إسم واحد حتى) للإله رغم أن كل دين منهم يدعي أنه أصح دين و أصوب دين و الحق المطلق و انه إلهي و سماوي.
أديان العالم لم تتفق على ماهية الإله و لا عدد الآلهة و لا أساميهم (والله ما بتفرق معانا الأسماء ههههههه) و لا صفاتهم ولا وظيفتهم و لا أهمية الإعتقاد بوجودهم, إذن كيف يمكن بحق العقلانية البحث عن الإله مادام التعبير غير متفق عليه و لا محدد أصلا ؟ هذة النقطة لوحدها تكفي لنسف أي أهمية أو جدوى أو إمكانية لبحث الموضوع, لانه لا يمكن ان نبحث او نتأكد من وجود ابرة في كومة قش !! يعني أبسط مطلب هو أن يتم تحديد عدد معين من الآلهة و شكل محدد للألوهية ثم يتم البحث في الموضوع بناء على ذلك. لكن يمكن التجاوز عن هذة النقطة مؤقتا من باب التساهل و الإعتماد على ما تتفق عليه الأديان (و هو قليل و بلا معنى) و ترك ما يختلفون حوله.
يمكن القول أن الأديان تتفق (غالبا) على أن الإله (الواحد من هذا النوع) ذو طبيعة فوق طبيعة البشر (دون تحديد لكيفية التفوق) و ذو قدرات خارقة, و يتم تصوير الإله بأشكال مختلفة حسب المعتقد الديني، فيتخذ الإله شكل إنسان أو حيوان أو ربما جماد. و غالبا مايكون الإله خالدا لا يموت، و يمتلك شخصية و وعي و إدراك. إذن فنحن نبحث عن كائن حي عاقل خارق لا يموت. لكن أليس “الكونت دراكيولا” هو كائن حي عاقل خارق لا يموت ؟ هل نحن حقا نبحث في احتمال وجود “الكونت دراكيولا” أيضا ؟!!

الخلاصة :

 الله كائن مجهول و سيظل مجهولا غير معروف ماهيته و لا نوعه و لا وظيفته و لا سبب وجوده و لا أصل منشؤه و لا أي شيء, فقط علينا ان نعرف ان لدينا واحد فقط من هذا الكائن الغريب الذي لا نعرفه و انه هو الذي خلقنا و سيحاكمنا بعد الموت !! فيا عزيزي المؤمن بالخرافات الرجعية المتخلفة و المصدق للأساطير الإلهية التي إبتدعها القدماء البدائيين, قبل أن تتبجح بالكلام عن آلهتك أو إلهك .. حدد اولا معاني الألفاظ التي تستخدمها. قبل أن تقول أن “الله موجود” حدد معنى الله بتعريف جامع مانع شامل و حدد معنى الوجود الذي تقصده. حين تقول أن الله هو الحي القيوم فلزاما عليك أن تحدد معاني هذة الألفاظ بدلا من ان تردد هذا الهراء المقدس كالببغاء الثرثار !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق