هل يحق للزوج أن يتخذ قراراً أسريا دون الرجوع لزوجته ؟



من صاحب القرار في المنزل ؟

ومن له مرجعية القرار في البيت ؟

وهل يحق للرجل أن يتخذ قراراً أسرياً دون الرجوع لزوجته ؟



كل هذه الأسئلة طرحتها على مجموعة من الشباب والفتيات، وقد أذهلتني النتيجة إذ اعتبر أكثر من 85% من الحضور أن للرجل الحق في اتخاذ القرار دون الرجوع إلى زوجته.



وهذه الإجابة فيها مخالفة صريحة لهدي الإسلام ورسالته والتي أقامها على نشر العدل والمساواة، وليس عبثاً أن تكون قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون هي أكثر قصة كررها القرآن الكريم لنبذ الدكتاتورية والسلطوية في اتخاذ القرار ودعماً لمبدأ الشورى والتشاور، وهي المرحلة السابقة لإصدار القرار.

اعترض عليّ أحد الحضور بأن (الشورى) مبدأ سياسي ولادخل للإدارة الأسرية فيه.
فأجبته قائلاً إن لفظ (الشورى) ورد في القرآن ثلاث مرات.
الأولى: في خطاب الله لرسوله: {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}.
والثانية: {والذين استجابوا وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم}.
والثالثة: في الأسرة والعلاقة الزوجية في موضع اتخاذ قرار إنهاء رضاعة الطفل وفطامه : {فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما .

ثم أكدت ذلك للمعترض ببعض النصوص من السنة النبوية وكيف أن الزوج يستشير زوجته ويأخذ رأيها قبل اتخاذ القرار، ومنها قصة أبي طلحة التي يرويها البخاري عندما أراد أن يستضيف رسول الله على الطعام في بيته، وليس في بيته شيء، عرض الأمر على زوجته فقبلت بذلك، فأصدر قرار الضيافة ولم يتجاوز زوجته ويتخذ القرار لوحده، وكذلك القصة المشهورة في تزويج الصحابي جليبيب ، نستفيد منها استشارة الأب ابنته وزوجته في الخاطب، ولم يتخذ القرار بمفرده، وقصص أخرى كثيرة، بل إن الزوجة يحق لها فيما تملكه ولا يملكه زوجها أن تتخذ القرار فيه دون الرجوع إليه، وقد حدث هذا مع أمنّا ميمونة رضي الله عنها عندما أعتقت وليدها كما يروي البخاري فقال لها رسول الله : أَو فَعَلَتِ؟ قالت: نعم قال: إما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك، ونلاحظ هنا أن النبي وجهها بعد اتخاذها للقرار والتصرف بطريقة أفضل في استثمار القرار الذي اتخذته ولم يعنفها على ذلك لأنها تصرفت فيما تملكه.


ولايخفى على القارئ مشورة النبي لأمنا خديجة - رضي الله عنها - في قصة الوحي وأمنا أم سلمة في صلح الحديبية.


ولكن التربية التي تلقيناها في تضخيم (الأنا) عند الرجل على حساب المرأة وفهمنا لمبدأ القوامة فهماً خاطئاً، هو الذي أدى إلى الاعتقاد بأن الرجل من حقه اتخاذ القرار المنزلي دون الرجوع إلى زوجته.
كما أنه لا يُفهم من هذا الكلام أن يكون الرجل خاضعاً في كل قراراته للمرأة، وهي خاضعة له، وإنما العلاقة الزوجية تبنى على المودة والرحمة، ونجاح الأسرة يبنى على التشاور والتعاون في اتخاذ القرار.



ولو اتفق الزوجان على سياسة التفويض بينهما فلهما ذلك إن كان يحقق لهما السعادة، وإن اتفق الزوجان على عدم اتخاذ أحدهما لقرار دون الرجوع للآخر في بعض الأمر فلهما ذلك والمسألة خاضعة للاتفاق بما يحقق العدالة ومصلحة الأسرة ويحق للرجل في حالات خاصة تقتضيها المصلحة أن يتخذ قراراً سرياً منفرداً ولكن هذا استثناء من أصل.
فلا للمرأة العسكرية، ولا للرجل العسكري وإنما نعم للشورى الزوجية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق